الكاتب الصحفي أحمد عباس
الكاتب الصحفي أحمد عباس


أحمد عباس يكتب: «احرجونا بجودتكم.. عشان نزودكم» 

أحمد عباس

الخميس، 09 يونيو 2022 - 04:16 ص

سبع صباحات وست ليالِ كاملة تلقيت خلالها ردود فعل متلاحقة ومتضاربة على ما كتبته أنا ونشرته "بوابة أخبار اليوم" نهار الخميس الماضي بعنوان "الدقيقة بكام"، وحُمت فيه حول مسألة رفع أسعار خدمات الاتصالات للهاتف الأرضي والمحمول والانترنت بنوعيه، البعض وصف الكلام بالهذيان وآخرين وصفوني بالـ"خائن" وتساءلوا كيف أستعدِ عليهم شركات المحمول وأطلب منها أن ترفع أسعارها على المواطن واتهموني بالعمالة، ومنهم من اتفقوا على منطقية الطرح ومعقوليته لكنهم تحفظوا على توقيته، وكثير منهم اكتفى بالاستفسار عن التفاصيل و"مصمصة" الشفايف. وأما أنا فُأقر ان كل ماكتبته سليما وأنا مسئول عنه، ولكن تعرف؟ 
هذا شأن أكبر مني بكثير جدا -فلا رأيي يقدمه ولا يؤخره- يصفه البعض بالقرار السياسي، وآخرين يشبهون أهمية خدمات الاتصالات بنفس أهمية " رغيف العيش"! 
يقولون ان العامل القاعد ومن أمامه "الأجنة والشاكوش" ينتظر أن يطلبه زبون وعامل "الدليڤري" الطائر لن يجدا عملا بدون تليفون، وأن الصيدلية تحتاج تليفون، والاسعاف وطلب النجدة أيضًا وكل شيء حولنا صار يعمل عبر اتصال اما آتِ أو مُرسل، المهم أن يبقى المواطن متصلا وهذه قضية أمن قومي بلا جدال.. وهذا رأيهم. إذن تعديل أو تحريك أو تصحيح أو رفع الأسعار مسألة ليست بالسهولة. أما من المسئول عن صناعة قرار يسمح برفع السعر فلك أن تتصور أنت بخيالك مَن!
ولا أظن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وحده صاحب القرار ولا الشركات منفردة ولا حتى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بلا شريك، هذا قرار تجتمع من أجله جهات وهيئات ووزارات ومقدمي الخدمة، وكل أصحاب الشأن. 
لكن اسمع.. الواقع يقول ان هذه هي الخدمة الوحيدة التي لم ترتفع سعرها لا في أزمة كورونا ولا في أزمة التضخم الفتاكة وهذا غير منطقي ويتنافى مع المنطق لأسباب يطول شرحها ولست خبيرا بمناقشتها لكني أفهمها، والفاهمين من الصناعة يقولون ان الزيادة مستحقة بلا شك. 
تعرف؟.. الدولة تتحسن شهريًا في مؤشرات الإنترنت وبمعدلات جيدة جدًا ذلك حسب مؤشر "أوكلا العالمية" لقياس وتقييم سرعات الانترنت وهذا أمر محمود جدًا ويُحسب للحكومة وللشركات العاملة في سوق المحمول، كأنه اتفاق ضمني بين كليهما فالدولة منحت ترددات كافية للشبكات ووضعت خطتها للتغطية بوضوح والشركات تمضي في التنفيذ بجدية موازية وهذا نجاح محسوب للكل. 
الزيادة العادلة حتى اللحظة يقدرها العارفون بنحو 15% في أسعار جميع الخدمات ويتخوف من استمرار ارتفاع النسبة نفسها مع مرور الوقت، وذلك بعض من أسباب تأخير تحريك السعر، أما كيفية توزيع نسبها على الخدمات المختلفة بين كارت وفاتورة ومحمول وأرضي فهذه قضايا أخرى تجدر مناقشتها لما يحين الحين، وذلك شأن يقدره أصحاب القرار ليس قبل نصف عام من الآن على أحسن تقدير. 
يبقى السؤال المهم.. الي أي مدى يمكن للشركات الأربع أن تتواءم مع الوضع الراهن في الوقت الذي تُحرج فيه الجميع وتُسرع بوتيرة تحسين خدماتها والتوسع في مساحات تغطيتها، هذا سؤال تبقى الاجابة عنه مهمة جدا، أعتقد انه كلما قلت هذه الفترة كلما تمكنت شركات المحمول من الطلب بـ"فُم مليان" رفع سعر خدماتها. 
وأظن أنه ينبغي على الشركات احراج الجميع باستمرار تحسين الجودة والتغطية أولا، وأن تتفهم جيدا أن المواطن وحده هو من سيتحمل الفاتورة فتكون رصينة في الزيادة، أما الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أظنه سيواجه ساعتها الطلب بمنطق " احرجونا بجودتكم عشان نزودكم".


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة